20 sept. 2007

رمضان والتخبط في التشريع



رمضان والتخبط في التشريع
كامل النجار
kannajar@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2045 - 2007 / 9 / 21


رمضان كان شهراً من شهور السنة العربية قبل ظهور الإسلام، فجاء الإسلام ولم يذكر شيئاً عن رمضان كما لم يذكر شيئاً عن الزكاة حتى انتقل محمد إلى المدينة بعد أن قضى ثلاث عشرة سنة بمكة لم يصم بها أو يتحدث عن شهر رمضان. وعندما وصل إلى المدينة واختلط باليهود عرف أنهم يصومون عاشوراء، فسأل عن هذا الشيئ الغريب عليه فقالوا له إن يوم عاشوراء هو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وجنوده. ويومها قال محمد (نحن أولى بموسى منهم) فصامه وفرض على الناس صيام عاشوراء (ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، ج2، ص 36). ولنا هنا أن نسأل: كيف يكون المسلمون أحق بموسى من اليهود، وهو النبي الذي قد أرسله الله لهم؟ ولكن عندما نعرف أن المسلمين دائماً لهم الأفضل، يبطل العجب.
فمحمد لم يكن يعرف عن الصيام شيئاً وعندما عرف بيوم عاشوراء ظل مكتفياً بصيامه إلى ان نزل أكثر من نصف من سورة البقرة بالمدينة وعلى عدة سنين حتى نزلت الآية 183، وعلى أحسن الفروض في السنة الثانية للهجرة، لتخبر النبي (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون). وهذه الآية لم تحدد عدد الأيام التي يجب ن يصوموها أو عدد ساعات اليوم التي يصومها المؤمن. ولذلك بدأ محمد بالصيام ثلاثة أيام من كل شهر. ثم زادها إلى عشرة أيام من كل شهر ثم صار الصيام شهراً كاملاً عندما نزلت الآية (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) (البقرة 185). وحتى بعد نزول هذه الآية لم يجعل صيام رمضان واجباً على كل الناس إذ أعفى الأغنياء من الصيام عندما قال (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له وإن تصوموا خيرٌ لكم) (البقرة 184). فإذاً الغني الذي يطيق أن يطعم مسكيناً كل يوم في رمضان لا يصوم إلا إذا أراد أن يتطوع خيراً. أما الفقير فعليه أن يصوم. والغريب أن الفقهاء يقولون إن الحكمة من رمضان هي أن يتعلم الغني كيف يجوع الفقراء ويحس بجوعهم وعطشهم. ولكن إذا كانت هذه هي الحكمة، فلماذا يصوم الفقير إذاً؟ فهو لا يحتاج أن يعرف ما هو الجوع لأنه يمارسه كل يوم في حياته
وحتى السنة الثانية من الهجرة لم يذكر النبي أي شيء عن نزول القرآن في شهر رمضان، خاصة عندما حكى للناس كيف جاءه جبريل في غار حراء وهو يتعبد، وقريش كانوا يتعبدون شهراً من السنة في غار حراء، ولم يكن ذلك الشهر رمضان. ولكن فجأة بعدأن نزلت آيات البقرة عن الصيام، جاءت الآية التي تقول (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان). ولما كنا نعرف أن القرآن نزل على مدى ثلاث وعشرين سنة، ولم ينزل كاملاً على محمد كما نزلت التوراة على موسى، جاء فقهاء الإسلام بقصص خرافية تحاول تفسير هذا الخلط العجيب في التاريخ، فقالوا إن الله أنزل القرآن كاملاً من السماء السابعة إلى بيت العزة في السماء الدنيا في شهر رمضان، وتحديداً في ليلة القدر. فإين هو بيت العزة هذا الذي يتكلمون عنه؟ ولماذا لم تجده أي مركبة فضائية حتى الآن؟ وحتى لو كان هذا البيت موجوداً، فلماذا الاستعجال في إنزال القرآن من السماء السابعة إلى السماء الدنيا إذا كان إنزاله إلى محمد سوف يستغرق ثلاثة وعشرين عاماً؟ أما كان الأجدر أن يحفظه الله في السماء السابعة حتى لا تسترق الشياطين منه شيئاً في السماء الدنيا؟ فالقرآن يقول رغم أنه حرس السماء الدنيا إلا أن بعض الشياطين كانوا يخطفون الخطفة الواحدة على عجل فتطاردهم الشهب وربما لا تصيبهم. (وحفظاً من كل شيطان مارد. لا يسّمعّون إلى الملأ الأعلى ويُقذفون من كل جانب. دحوراً ولهم عذاب واصب. إلا من خطف الخطفة فاتبعه شهاب ثاقب) (الصافات 7-10).
والكل يعرف أن رمضان هو شهر من شهور السنة، أي علم لا يحتاج تعريفاً، كما الاسم محمد. ولكن في بعض الأحيان نحتاج أن نضيف التعريف إلى الاسم العلم، فأنا مثلا إذا قلت: محمد فعل شيئاً، فقد يسأل الناس: أي محمد تعني لأن الاسم محمد ينطبق على عدة رجال. وللتعريف بمحمد المقصود أقول: محمد الذي أتى بالإسلام. ووقتها يعرف الناس أني قصدت محمداً بن عبد الله. وكذلك الحال بالنسبة لرمضان، فلو قلت: رمضان، فالكل يعرف أني قصدت شهر رمضان الذي يتكرر سنوياً في التقويم العربي، ولا داعي للتعريف. ولكن عندما قال القرآن (رمضان الذي أنزل فيه القرآن) فقد عرّف أي شهر وأي سنة قصد. فهو قد قصد ذلك الشهر الذي بدأت فيه رسالة الإسلام ونزل القرآن فيه على محمد. فإذاً القدسية والصيام خُص بهما شهر رمضان واحد، معيّن، دون كل شهور رمضان المتعاقبة.
ثم جاءت المشكلة المستعصية عندما سألوه عما يمتنعون في الصيام من غير الأكل والشرب؟ فكان القرار الأول أنهم يمتنعون عن النوم قبل الإفطار. فكان الرجل إذا جاء وقت الإفطار وكان متعباً ونام قبل أن يفطر لا يجوز له أن يأكل شيئاً ويستمر في صيامه بقية الليل واليوم التالي حتى مغيب الشمس. وشاءت الظروف أن رجلاً يُدعى قيس بن صُرمة الأنصاري كان يعمل في النخيل حتى قريب غروب الشمس وجاء منزله وقال لزوجنه: أعندك طعام أفطر به؟ فقالت له: لا. ولكن أنطلق فأطلب لك طعاماً. فغلبه النعاس وهو منتظر. وعندما رجعت زوجته ببعض الطعام وجدته قد نام، فقالت له: خيبةٌ لك. فصام بقية ليلته ومنتصف اليوم التالي فغشي عليه وذكر ذلك للنبي، فأنزل الله (فكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.
وروى البخاري عن البراء أنه لما نزل صوم رمضان كان غير مسموح لهم الاقتراب من نسائهم طوال شهر رمضان. وقال آخرون إنه كان مسموحاً لهم بعد الإفطار على شرط إلا ينام الرجل أو المرأة قبل الجماع. فإذا نام أحدهما ثم أفاق بالليل فلا يمكنه مجامعة الزوج. وكالعادة جاء عمر بن الخطاب بالحل. فقد كان يسمر مع رسول الله بعد الإفطار وعندما رجع إلى بيته أراد أن يجامع زوجته فقالت له: إني نمت. فحسب هوأنها إنما تتمنع عليه فوطئها. وجاء رسول الله في اليوم التالي وقال له: أعتذر إلى الله وإليك، فإن نفسي زينت لي فوقعت بأهلي، فهل تجد لي من رخصة؟ فقال له الرسول (لم تكن حقيقياً ياعمر). وهذا يعني أنه لم يجد له رخصة فيما فعل، فرجع عمر إلى أهله مهموماً. فلما بلغ بيته أرسل إليه محمد وأنبأه أن الله قد عذرة بآية من القرآن، وهي (أُحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباسٌ لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كب الله لكم (البقرة 187). ويتبادر إلى الذهن سؤال بديهي: ألم يكن الله يعلم مسبقاً عندما أصدر الأوامر إلى رسوله بمنع الجماع في شهر رمضان أن المؤمنين سوف يختانون أنفسهم لأنهم لم تكن لهم أي وسائل ترفيه بالليل غير الجنس؟ وإذا علم الله مسبقاً، كيف يصدر قانوناً بعكس طبيعة البشر ويتوقع منهم اتباعه، والمثل العامي يقول: إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع؟ وتأكيداً على تحريم الجماع في رمضان يقول القرطبي في شرح الآية (لفظ " أُحل" يقتضي أنه كان محرماً قبل ذلك ثم نُسخ.)
فهل من المعقول أن يحدث كل هذا التخبط في فرض عبادة من الأهمية بحيث جعلها محمد ركناً من أركان الإسلام؟ المنطق يخبرنا أن هذا التشريع لو صدر من إله عالم لما مر بكل هذه الخطوات التى لا يمكن للبشر اتباعها. فإما أن الآيات من عند إنسان يتعلم بالتجربة، أو أن الإله الذي أصدرها لا يعلم الغيب.
ثم جاءت المشكلة الكبرى، ألا وهي معرفة بداية ونهاية شهر الصوم. فجاءت الآية (من رأى منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة 175). ومن البديهي أن يعتمدوا على رؤية الشهر بالعين المجردة في تلك الأيام لمعرفة بداية الشهر ونهايته. وما دام الله أراد بالناس اليسر ولم يرد بهم العسر، ونحن نستطيع الآن أن نحسب بالدقيقة والثانية وقت ظهور الهلال، فلماذا لا يتفق فقهاء المسلمين على الاعتماد على علم الفلك ليحدد لهم بداية الصيام ونهايته تفادياً لكل هذا التخبط في رؤية الشهر؟
ولأن الله أراد اليسر فقد صح عن النبي: أن الذى يُفْطِرُ به الصَّائِمُ: الأكلُ، والشربُ، والحِجامة والقئ، والقرآن دال على أن الجِماعَ مفطر كالأكل والشُّرب (ابن قيم الجوزية، زاد المعاد، ج2، ص 31). فالرسول قد حدد أربعة أشياء تُفطر الصائم، وقد نفهم أن يبطل الأكل أو الشرب الصيام، ولكن كيف يبطل القيء الصيام. فالشخص الذي يتقيأ يخرج من معدته سوائل ولا يُدخل سوائلاً إضافية إلى جسمه، فكيف يبطل هذا صيامه؟ هل الفقير ممنوع من التقيء حتى نقول للغني يجب ألا يتقيأ حتى يشعر بما يشعر به الفقير؟ والشخص عندما يحتجم يفقد من جسمه دماً عندما يفصده الحاجم. فكيف يبطل فقدان الدم الصيام؟ ولكن الفقهاء الذين لم يكدوا يوماً في حياتهم لكسب قوتهم كان لابد لهم من مليء فراغهم، فأتوا بمحظورات ما أنزل الإله بها من سلطان. يقول ابن القاسم الذي كتب مدونة الإمام مالك (وسألت مالكا عن الرجل ينظر إلى أهله في رمضان على غير تعمد فيمذي (قال) أرى أن يقضى يوما مكانه (قال مالك) وقد كان رجال من أهل الفضل ممن مضى وأدركناهم وانهم ليجتنبون دخول منازلهم نهارا في رمضان خوفا على أنفسهم واحتياطا من أن يأتي من ذلك بعض ما يكرهون) (المدونة لمالك بن أنس، ج1، ص 199). ليتني أعرف هذا الرجل الذي ينظر إلى زوجته وهو صائم فيمذي لأهديه وسام الفحولة. هل تتغير زوجة الصائم إلى حورية في رمضان؟
ثم بدل اليسر الذي تقول به الآية، طلب الفقهاء العسر المستحيل فقالو (ما قول مالك فيمن بلغ وهو مجنون مطبق فمكث سنين ثم أفاق (فقال) قال مالك يقضى صيام تلك السنين ولا يقضى تلك الصلاة) (نفس المصدر، ص 208). هذا مع العلم بأن القرآن يقول (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله) (التوبة 91). فلماذا يقضي المجنون صيام سنين وهو ليس مسؤولاً عن جنونه؟ فالمجنون لا يتحكم في عقله كما لا يتحكم الطفل قبل البلوغ، فهل يقضي الرجل صيام السنين التي كان طفلاً بها؟
وكان لابد أن يقول الفقهاء شيئاً عن المرأة وعورتها في رمضان، فقالوا إن المرأة المستحاضة، أي التي لا يتوقف عنها الدم لفترة طويلة، إذا أرادت الصلاة فإنها تؤمر بالاحتياط في طهارة الحدث وطهارة النجس، فتغسل فرجها قبل الوضوء والتيمم إن كانت تتيمم وتحشو فرجها بقطنة أو خرقة رفقاً للنجاسة أو تقليلاً لها، فإن كان دمها قليلاً يندفع بذلك وحده، فلا شيء عليها غيره، وإن لم يندفع شدت مع ذلك على فرجها وتلجمت، وهو أن تشد على وسطها خرقة أو خيطاً أو نحوه على صورة التكة، وتأخذ خرقة أخرى مشقوقة الطرفين فتدخلها بين فخذيها وأليتيها، وتشد الطرفين بالخرقة التي في وسطها، أحدهما قدامها عند صرتها، والآخر خلفها، وتحكم ذلك الشد وتلصق هذه الخرقة المشدودة بين الفخذين بالقطنة التي على الفرج إلصاقاً جيداً وهذا الفعل يسمى تلجماً. أما إذا كانت صائمة، فتترك الحشو في النهار وتقتصر على الشد (فتاوى النساء للشعراوي، ص 453). ففي غير رمضان تُلجم المرأة فرجها كما نلجم الحصان، وتحشوه، أما في رمضان فتكرم عليها الفقهاء وسمحوا لها أن تترك الحشو وتكتفي باللجام، لأن حشو الفرج يُفطر الصائمة (لا نعلم إذا كان القطن بالفرج يُشبع المرأة جنسياً أم فعلياً، حتى يُفطرها). هذه النصيحة من فقهاء الإسلام تُثبت مدى تحجر عقولهم. أتى هذا الحكم في الطبعة الرابعة لكتاب الشيخ الشعراوي المنشور سنة 2001م، وحتى في هذا العام من القرن الحادي والعشرين لم يسمع شيوخ الإسلام بالحفاض الصحي الذي تستعمله النساء وقت العادة، ولم يسمعوا بالتامباكس Tampax فأصروا على لجام الفرج.
وإذا أخذنا الحكمة من الصيام، وهي الإحساس بالجوع والعطش تعاطفاً مع الفقير، نجد أن المسلمين لا يلتزمون بروح التشريع ويملؤون بطونهم بأكثر مما كانوا يفعلون في بقية شهور السنة، فنجد مثلاً (أن القطريين رصدوا 650 مليون ريال لإنفاقها في رمضان، وان استهلاك الخضار والفواكه يتضاعف إلى 600 طن يوميا والأغنام إلى 3 آلاف رأس صباح كل يوم. ولو علمنا أن قطر هي من اصغر الدول، عربيا، وإسلاميا، لعلمنا الحجم الرهيب لما يستهلك في رمضان من مواد غذائية، وغير بعيد عن ذلك ما أعلنته شركات اللحوم والدجاج في الكويت أنها استعدت لشهر رمضان بشكل جيد وقامت باستيراد، وليس بإنتاج، كميات أكثر من المعتاد لمواجهة الطلب المتزايد في هذا الشهر على اللحوم. ) (أحمد الصراف، القبس الكويتية، 18/9/2007). والدليل على صدق ما ورد هو أن الغالبية من الصائمين في الخليج يزداد وزنهم بنهاية شهر رمضان. فهل رأيتم فقيراً يزداد وزنه مع الصيام؟
وطبعاً لم يفت على جماعة الإعجاز العلمي في القرآن أن الصيام يعالج أو يمنع عدداً كبيراً من الأمراض، كما يزعمون. ولا حقيقة في هذا الزعم. فالصيام يعرض حياة مرضى السكري إلى الخطر، ويزيد من أمراض الكلى ويضاعف آلام من يعاني من قرحة بالاثني عشر وكل من يعاني من أمراض تحتاج إلى تناول الدواء ثلاث أو أربع مرات باليوم.
وأخيراً إذا كان الصيام به كل الفوائد التي يزعمون فلماذا يجبرون الناس عليه ويمنعون المطاعم والمقاهي من العمل أثناء النهار؟ ولماذا يعاقبون المرضى الذين سمح لهم القرآن بالإفطار وحتى غير المسلمين الذين لا يجب عليهم الصيام؟

2 commentaires:

Anonyme a dit…

Sans aucun commentaire!vous ignorez tout de l'islam!
C'est peine perdu de vous montrer vos rigolotes déductions tirées par les cheveux!!

citoyen a dit…

@anonyme
apprend nous sur l'islam.
mais il parait que tu ne peut pas défendre et argumenter tes points de vue comme tout musulman d'ailleurs.