14 août 2010

مناشدة

في بداية هذا الأسبوع وصلتني رسالة على هاتفي نصها" اقرأ جريدة الشروق لهذا اليوم".واعتبارا لعلاقتي المتوترة بهذه الصحيفة فاني ترددت كثيرا تنفيذ هذا الأمر و لكن الغلبة آلت للفضول. تصفحت الصحيفة الأوسع انتشارا، والأوسع انتشارا دائما مثير للرَعب،...والتي بها مناشدة للرئيس، من قبل فنانين، لمواصلة مسيرة البلاد.فقمت بمهاتفة من طلب مني قراءة هذه الجريدة وسألته" هل استقال الرئيس؟ فرد بأن المناشدين يقصدون سنة 2014 .قمت بمراجعة التاريخ المكتوب عن الصفحة لأتأكد بأني مازلت قابعا في سنة 2010. ثم بدأت أتوقع بأن السلطات الرسمية سترد على المناشدين :أن كلامكم هذا يشكل خطرا على الاستثمار الأجنبي وتحيلهم للنيابة العامة بناءا على القانون الذي صادق عليه مجلس النواب أخيرا والذي ينص على محاكمة كل شخص يعرض اقتصاد البلد للخطر بتشويه سمعتها أو على الأقل تذكيرهم بما جاء في بيان السابع من نوفمبر.

"إن شعبنا بلغ من الوعي والنضج ما يسمح لكل أبناءه وفئاته بالمشاركة البناءة في تصريف شؤونه في ظل نظام جمهوري يولي المؤسسات مكانتها ويوفر أسباب الديمقراطية المسؤولة، ...فلا مجال في عصرنا لرئاسة مدى الحياة ولا لخلافة آلية لا دخل فيها للشعب، فشعبنا جدير بحياة سياسية متطورة ومنظمة تعتمد بحق تعددية والأحزاب السياسية والتنظيمات الشعبية"

ولذلك فأني أناشد كل من يهمه الأمر ملاحقة أمثال هؤلاء المناشدين لما يمثلونه من خطر على مصير البلاد.

وسأترقب ذلك فالله دائما مع الصابرين.

14 sept. 2008

في الدين والدنيا




المصدر ايلاف
العفيف الأخضر
"الكتاب المقدس يعلمنا كيف نمشي إلى السماء، لا كيف تمشي السماء" (غاليلو في دفاعه أمام محكمة التفتيش)

منذ حرب 67، التي كانت بداية سقوط العرب جمهورا ونُخبا في الهذيان الجماعي، كنتُ أطرح باستمرار هذين السؤالين على مَن التقي به: لماذا انتصرت إسرائيل في الحرب؟ ولماذا تـَقدم الغرب وتأخر المسلمون؟ فكان الجواب بنسبة عالية: انتصر اليهود لأنهم تمسكوا بدينهم، وانهزمنا لأننا تخلينا عن ديننا فتخلى الله عنا؛ أما الغرب فقد أخذ علومه من القرآن، لم نأخذها نحن منه لأن حكامنا حادوا عن شرع الله فعاقبهم الله بحجب أسرار القرآن العلمية عنهم... ويوم يحكمنا من يطبقون الشريعة فسنكتشف في القرآن علوما جديدة نتفوق بها على ما أخذه الغرب منه، وهو قليل من كثير. ما سمعته، كان في الواقع صدى لما يقدمه الخطاب الديني من إجابات على السؤالين. إذا كان القرآن موسوعة علمية فلابد من تفسير ديني لتخلف المسلمين بجعله عقابا إلهيا لهم عن "كفر" حكامهم ومجتمعاتهم التي لم يبرز منها علماء يستنبطون منه نظريات علمية للنهوض بالمسلمين. فالحقائق العلمية القرآنية تتطابق تطابقا مطلقا مع الحقائق العلمية. فما وصل إليه العلم بالبحث وصل إليه الإسلام بالوحي. هذا الخطاب، المُذنّب، جعلت منه الحركات الإسلامية تجارةً رابحة للحث على الثورة الإسلامية والتحريض على تكفير تقليد الحداثة الغربية. هذا التقليد الذي أعمى بصائرنا عن اكتشاف العلوم التي أودعها الله في قرآنه. تخليص الوعي الجمعي، من أساطير هذا الخطاب الديماغوجي الضار بمستقبل العلم في أرض الإسلام، ضروري لتسريع انتقال الشعوب العربية إلى الحداثة التي من دونها سنبقى مجرد متفرجين سلبيين على تقدم باقي شعوب العالم. من هنا ضرورة إعداد خطاب عقلاني، تعليمي وإعلامي يقدّم للناشئة والجمهور معا تحليلا واقعيا لواقعتي التفوق الإسرائيلي والتقدم الغربي. التفوق الإسرائيلي لا يعود إلى تمسك اليهود لدينهم. فهم أقل شعوب الشرق الأوسط تدينا؛ موشي دايان، بطل حرب 67، كان، في فلسطين الانتدابية، يكتب على بطاقة هويته في خانة الديانة "ملحد". بل أن أهم أسباب هذا التفوق يعود إلى جودة التعليم الإسرائيلي حتى قبل قيام الدولة. والتقدّم الغربي لا يعود إلى أخذ العلوم العَلمانية من القرآن، بل من استخدام قوانين العقل لاكتشاف قوانين الطبيعة عبر المدرسة العَلمانية التي كونت النخب الصانعة لهذا التقدم. ولم تضيّع دقيقة واحدة في الثرثرة عن براهين وجود الله، ولا في الهذيان عن معرفة أقصر السبل لتأمين الغربيين على مستقبلهم بعد الموت كما تفعل المدرسة الإسلامية! وتخلف المسلمين لا يعود إلى تخليهم عن دينهم، بل بالأحرى إلى التسمّر والغلوّ فيه، بتحويله إلى قائمة طويلة من الفتاوى التي تحرّم وتجرّم تقليد اليهود والنصارى في مؤسساتهم وعلومهم وقيمهم وأسلوب حياتهم. والحال أن الأمم التي انتقلت إلى الحداثة مرّت بـ"تقليد" اليهود والنصارى. لا سبيل للإفلات من هذا الفخ الذي نصبناه لأنفسنا إلا بتفكيك أسطورة أن "القرآن موسوعة علمية" التي شكّلت وما تزال عائقا ذهنيا أعاق وعي النخب عن تقليد الثورة العلمية الغربية التي قلدتها نخبُ اليابان والصين والهند وجنوب شرق آسيا وأميريكا الجنوبية... فأخرجت شعوبَها من تخلفها العلمي الذي هو الجذر التربيعي لباقي مظاهر التخلف الأخرى.تفكيك أسطورة أن "القرآن موسوعة علمية" يتطلب معرفة جذورها؛ بكل اختصار، بعد فتح الشرق الأوسط دخلت النخب الإسلامية في جدال ديني ساخن مع النخب المسيحية والمانوية. كلام المعتزلة، مثلا، كان مرصودا في الأصل للرد على النصارى والمانوية. هؤلاء الآخرين شُنّت عليهم منذ خلافة المهدي حرب إبادة! وجّه النصارى للفقهاء والمتكلمين المسلمين سؤالا محرجا: لماذا لم يُعط نبيكم معجزات مثل التي أعطيت لموسى وعيسى؟ ردّت النُخب الإسلامية بردّين ارتجاليين. الأول باختلاق حشد من المعجزات لنبي الإسلام لم ترد في القرآن بل أن القرآن نفاها عنه معترفا له بمعجزة واحد هي القرآن نفسه؛ والثاني اعتبار أن معجزة القرآن هي التطابق مع علوم الأوائل والأواخر. فسّر الفخر الرازي "علميا" الآيات "العلمية" في القرآن؛ وأكد ابن القيم تطابق "علم الأجنّة" القرآني مع علم الأجنّة عند الطبيب اليوناني جالينوس Galien الذي لم يعد متطابقا مع علم الأجنّة المعاصر؛ وألّف السيوطي "الإكليل في استنباط التنزيل" لتأكيد أن كل العلم في جوف القرآن، كما خصص في كتابه: "الاتقان في علوم القرآن" فصلا عن "العلوم المستنبطة من القرآن" جاء فيه: "أما أنواع العلوم (في القرآن) فليس منها باب ولا مسألة إلا وفي القرآن ما يدلّ عليها" (ج2 ص 129). أما منذ القرن 19، عندما اعترف المسلمون نهائيا بانحطاطهم، فإنهم شرعوا يبرئون القرآن من هذا الانحطاط الذي عَزوْه، في المقابل، إلى تخلّي المسلمين عن القرآن. "النهضة" التي قادها الأفغاني وعبده كانت، في الواقع، دفاعا عن براءة الإسلام من انحطاط المسلمين. وعاد من جديد التفسير العلمي للقرآن على نحو أكثر هذيانا. لعل أكثر التفاسير "العلمية" المتجددة تأثيرا هو "الجواهر في تفسير القرآن الكريم" تأليف طنطاوي جوهري الذي أكد فيه وجود "علم الذرّة" في القرآن! هذا التفسير هو المصدر الأساسي لانتشار أسطورة أن القرآن موسوعة علمية الشائعة اليوم التي تلقفها مذ ذاك كثير من المؤلفين مثل محمد سليمان في "القرآن والعلم" وكثير من المؤلفين الآخرين قبله وبعده فضلا عن بعض الأطباء الإسلاميين. ولا شك أن تكرار وصف الهي في القرآن بأنه "لكل شيء عليم" عزز الاعتقاد بهذه الأسطورة؛ فكيف لا يعلم الله العليم بكل شيء حقائق العلم؟ لاحظ محي الدين يحيى، الأستاذ في دار الحديث الحسينية بالرباط والاخصائي في الفقه والفكر الإسلاميين الكلاسيكيين، في مقاله عن "العلم" في القرآن في "معجم القرآن" أن "القرآن لم يستخدم أبدا الجمع (علوم) التي عَيّنت في ما بعد حصرا "العلوم" مما يوضح بما فيه الكفاية الفرق بين العلم القرآني والعلوم المتأخرة الموزعة على فروع علمية مستقلة. إذا كان القرآن لا يحتقر المعارف التي يمكن استخلاصها من الأمم الغابرة أو من ظواهر الطبيعة. فإنه لا يرى فيها فائدة إلا من منظور الخلاص الروحي. بل أن القرآن يحذر المؤمنين أيضا من المخاطر الكامنة التي تحتوي عليها علوم المحسوس" (معجم القرآن، ص 799، والصادر بالفرنسية بإشراف الباحث محمد علي أمير معزّي، الأخصائي في الفقه والتفسير؛ وهو معجم مهم ينتظر محسنا للعلم للانفاق على ترجمته إلى العربية). وهكذا فالعلم في القرآن لا علاقة له بمفهوم العلوم الحديثة القائمة على البرهانين العقلاني (الرياضي) والتجريبي، التي لم تظهر لأول مرة إلا في القرن 17 مع فجر الثورة العلمية. بل لا علاقة له حتى بمفهوم العلوم اليونانية والرومانية والهندية والصينية والفارسية القائمة على الحدوس والظنون والملاحظة التي لا تتوفر فيها كل شروط الملاحظة العلمية. بل هذه العلوم هي "العلوم المذمومة" في الإسلام. العلم القرآني هو "نورٌ يقذفه الله في قلب المؤمن" كما يقول الإمام مالك. أما "العلوم الدخيلة" أو "علوم الأعاجم" من الطب إلى الفلك مرورا بالمنطق والفلسفة: "فلم تكن تُدرس في دروس التعليم الديني التي كانت تُلقى في الجوامع والمدارس بل أن دخول علوم الأعاجم في العلوم الدينية اعتبره أهل الحديث غزوا خطيرا يضع جوهر الإسلام نفسه في خطر. من هنا جاء رد الفعل العنيف أحيانا ضد المذاهب الجديدة الموسومة بالبدعة المذمومة، إذ أنها لا أساس لها في القرآن، إنْ لم تكن في تعارض صريح مع معطيات الوحي. حارب مسلمون كثيرون من جميع المذاهب مَن كانوا، في نظرهم، يعطون تأثيرا لأمثال أفلاطون وأرسطو أو جالينوس أكثر مما كانوا يعطونه لكتاب الله" (معجم القرآن، صص 803 – 804).ما أشبه الليلة بالبارحة! ما زال الأحفاد يواصلون حرب أسلافهم على "العلوم الدخيلة" التي "لا تتفق مع كتاب الله" مثل الكوسمولوجيا الفلكية الحديثة وعلم الأجنة الحديث والجغرافيا الحديثة التي لا تتفق مع الكوسمولوجيا القرآنية وعلم الأجنة القرآني ولا مع الجغرافيا القرآنية التي تؤكد وجود 7 أراضين... مما ترتب عنه عمليا إقصاء العلوم الحديثة التي "لا تتطابق مع كتاب الله" وبما أن كل العلوم لا تكاد تتطابق مع كتاب الله، فقد أقصيت إما من المؤسسة المدرسية وإما من وعي المسلمين بتكفيرها. وهذا ما ترتبت عنه نتيجة أدهى: رُهاب قطاع من الشباب المتعلّم من العلوم التي يدرسها، حتى في الجامعات الغربية، وهو يعي أنها تتناقض مع "حقائق دينه" "العلمية". وهذا ما قد يفسر كارثة أن طلبة وأساتذة في الكليات العلمية الإسلامية مازالوا يعتقدون في صحة الأساطير البابلية التي ترجمها أحبار السبي البابلي عن ملحمة جلجامش وغيرها من الأساطير في "سفر التكوين" التوراتي عن خلق الكون، من 7 آلهة في 7 أيام، وخلـْق آدم من صلصال وخلـْق حواء من ضلع آدم – الذي فسره فرويد بأنه فانتازم استمنائي – وطوفان نوح، ونوح نفسه الذي عاش 950 عاما، والشمس التي تغرب في عين في الأرض فيها "طين أسود" الى آخر قائمة الأساطير الطويلة التي صنفتها البشرية المفكّرة، منذ قرنين على الأقل، في ارشيفات الأساطير...المسؤول عن استمرار هذه الكارثة ليس الحركات الإسلامية التي تدافع عنها كحقائق علمية. فهذه الأخيرة لا تفعل شيئا غير القيام بدورها كحركات معادية للحداثة مؤسسات وعلوما وقيما عقلانية وإنسانية... بل المسؤول الحقيقي هو صنّاع القرار التربوي الذين لم يقدموا للتلامذة والطلبة مناهج مماثلة لمناهج التعليم في العالم، حتى في أفريقيا جنوب الصحراء، حيث يدْرس التلامذة، مثلا، مبادئ نظرية التطور عن تكوّن الحياة النباتية والحيوانية انطلاقا من البكتريا وحيدة الخلية في المحيط البدائي منذ زُهاء 4 مليار سنة؛ وليس من عدم Ex Nihilo كما تقول الرواية الأسطورية – الدينية عن "الزوجين الأولين": آدم وحواء... كما يدرسون ملحمة تطور الإنسان من قرد إفريقي منذ حوالي 8 ملايين عام هو ابن عم الشمبانزي الذي يشاركننا في 99% من البرنامج الجيني. علما بأن جينات الحمار والفرس متماثلة بنسبة 96% فقط ومع ذلك ينجبان البغل. لماذا؟ لأنهما تطورا عن جَد واحد. هذه الحقائق الأولية التي غدت مسلّمات بديهية للوعي العلمي العالمي ما زالت تثير سُعار فقهاء الإسلام المتمترسين وراء يقين أعمى في الرواية التوراتية – القرآنية الرمزية. أصدر شيخ الأزهر سنة 2000 قرارا بحظر طبع أي كتاب عن نظرية التطور بعد نشر د. عبد الصبور شاهين كتابه "أبي آدم"!تاريخ الصراع بين العلم والدين يعلمنا استحالة نجاح الدين في إرغام العلم على التطابق معه لأنهما ينتميان إلى حقلين معرفيين لا يجمعهما قاسم مشترك. حقائق الدين إيمانية ثابتة وكاملة وبالمقابل حقائق العلم عقلانية، تجريبية ومؤقتة وأبعد ما تكون عن الكمال. فهي فرضيات في تطور لا ينتهي من الأقل دقة إلى الأدق، ومن تفسير محدود لبعض الظواهر إلى تفسير أكثر اتساعا. وهكذا فالحقيقة العلمية خاضعة لسنة التطور والتصحيح الذاتي المتواصل. تاريخ العلم يبرهن على أن المعارف البشرية في لحظة ما هي مجموع الفرضيات المتنافسة التي أُعتبرت صحيحة مؤقتا ثم تم تعديلها لاحقا بفرضيات جديدة أكثر تفسيرا لعدد أكبر من الظواهر وبأخطاء أقل وهكذا دواليك. إذن فرض ضوابط إسلامية على البحث العلمي هو جناية على الإسلام والعلم معا
تخليص الوعي الجمعي الإسلامي من عائق أن القرآن موسوعة علمية لن يتحقق بمجرد توقف المدرسة عن حشو أدمغة التلامذة والطلبة بها. فهناك مدرسة بلا جدران من 6 آلاف موقع إسلامي تقصف بلا توقف رؤوس الشباب بالأساطير المعادية للعلم.ه
بل بالأحرى يتحقق بتدريس وُجْهتي النظر العلمية والدينية المنافيتين لهذه الأسطورة؛ لماذا لا تُدرج فقرات من هذا المقال في المقررات المدرسية؟ ولماذا لا تُدرس آراء فقهاء الإسلام الذين عارضوا هذيان التفسير العلمي للقرآن منذ الشاطبي الذي فند هذا التفسير بواقعة أن القرآن خاطب العرب الأميين على قدر عقولهم ووفق علومهم المعروفة في زمانهم فـ"الشريعة أميّة لنزولها في قوم أميين (...) وليس من الحكمة أن يُخاطب القوم بما لا يفهمون (...) وأن يُكلفوا بما لا يعقلون" (الموافقات، ج2 ص ص 69، 85، 88) إلى بنت الشاطئ التي اعتبرت التفسير العلمي للقرآن: "ظلالا وخلطا ماسخا لحرمة الدين ومهينا لمنطق العصر وكرامة العلم" (بنت الشاطئ، القرآن والتفسير العصري ص 7)؛ وبنت الشاطئ نفسها هي التي ردّت على مستشرق سوفياتي قال أن في القرآن أخطاء طبية: وأي ضير في ذلك؟ "فالقرآن ليس كتاب طب، هو كتاب روحي فهل فيه خطأ روحي واحد؟"؛ وإلى الشيخ متولي الشعراوي الذي كتب: "إن الذين يقولون أن القرآن لم يأت ككتاب علم صادقون. ذلك أنه كتاب أتى ليعلمني الأحكام، ولم يأت ليعلمني الجغرافيا أو الكيمياء أو الطبيعة" (محمد متولي الشعراوي، "معجزة القرآن"، ص 47)؟يا صنّاع القرار التربوي إلى متى تتركون المدرسة الإسلامية تنحر أمام أعينكم مستقبل أبنائكم؟!

11 sept. 2008

Startup a un ami...

C’est dans le cadre de la critique de la pensée quotidienne que je traite ce commentaire écrit par Startup pour commenter un post paru chez Adam. Le commentaire dit :
« J'ai un ami qui vit au Québec (Canada)) un pays très féministe, tous les gynécologues sont des femmes, je ne sais pas pourquoi c'est un problème chez nous alors que au Canada ce n’est pas un problème et puis c'est quoi le problème si une femme a de la pudeur et se sent mieux avec une autre.Blehi arrêtons de faire des problèmes pour »
Ce type de raisonnement est dominant. Il tire sa puissance par sa simplicité et sa disposition à être « consommé » par la majorité d’un public non averti ou qui ne veut pas l’être (raison idéologique). C’est un produit à la portée de tout le monde et ce monde est habitué et est bien rodé pour accepter ce type de logique tel que : quand tu soulèves la question de justice et l’égalité sociale, après un grand soupir, le monsieur te raconte une histoire : « quand Omar ibn elkhattab c’est aperçu qu’une dame fait bouillir des cailloux pour ses enfants affamés, il est allé apporter de la semoule et il s’est assis pour préparer lui-même le repas et il souffle sur le feu et la fumée lui sort de la barbe » . Et voila une preuve irréfutable de justice sociale. Pourtant, ces mêmes personnes qui récitent ces histoires n’ont jamais été convaincues par l’équité de « nos » rois et présidents qui font plus que leurs idoles Omar(des visites surprises en fournissant des cadeaux ,des logements, etc…).
Revenons à ce type dans le dit commentaire « J'ai un ami qui vit au Québec (Canada)) un pays très féministe ». Donc son ami qui vit au Québec et sa preuve que ce pays est très féministe (n’est-ce pas une preuve convaincante).Il se peut que son ami soit dans l’observatoire de la cause féminine au canada.
« Tous les gynécologues sont des femmes ». Bien sur il se peut que son ami a confondu le Québec et l’Afghanistan des talibans. Et il ne sait pas pourquoi c’est un problème chez nous et pas au Canada ? Le pauvre startup ne sait pas que chez nous tout ne ressemble en rien au Canada. Et que la pudeur dont il parle n’a pas les mêmes références chez nous et chez les canadiens. Et n’êtes vous pas par hasard un fervent anti occident ? Et donc on ne doit pas faire comme eux et on ne doit pas arrêter de débusquer les pratiques des frères musulmans et de tous les islamistes.

24 août 2008

إخوة في الإسلام

أمير قطر في جمهورية إيران الإسلامية
وزيادة عما صرح به أحمدي نجاد والأمير من ضرورة التصدي للمؤامرات التي يحيكها الأعداء فقد دار الحديث التالي بين الزعيمين
الحكيمين.ه
الأمير: يا أخي في الإسلام إنني أعتبر نفسي في بيتي وبين أهلي ـ لم يقل قصوري وبين ما ملكت أيماني لأن نجاد معروف بتواضعه ـ وإيران دار للإسلام
فجأة لاحظ الأمير أن أحمدي نجاد يركز للاستماع لضجيج بالخارج. تنحنح الأمير لشدّ انتباه مضيفه وسأله "هل من مشكلة يا أخي؟" فرد أحمدي نجاد بكل تلقائية
كنت استمع لدوي يأتي من بعيد فخلته غارة قامت بها طائرات أمريكية خرجت لتوها من القواعد العسكرية الأمريكية بقطر
الأمير: وهل يعقل هذا يا أخي في الإسلام ؟ فقبل خروج طائراتنا عفوا الطائرات الأمريكية والإغارة عليكم سنتردد عليكم عديد المرات لننقل لكم الوعيد والتهديد الأمريكي وما سيلحقكم من دمار في صورة مواصلتكم العناد، وهذا ما قمنا به بالضبط مع الهالك صدام الذي واصل العناد. إذا فكونوا مطمئنين فهذه هي المحاولة الأولى وستتلوها زيارات لوزير خارجيتي المعروف عنه صراحته وجرأته
نجاد: والله معك حق فالهالك صدام قد لقي ما يستحق فقد ألحق أذى كبيرا بالثورة الإيرانية وبإيران وانتم يا جلالة الأمير قدمتم العون الكبير الذي لا يقدر بثمن بتحويلكم قطر قاعدة عسكرية أمريكية أمامية لتدمير أمثال صدام الذي ذاق شيعة العراق منه كل الويلات
الأمير مقاطعا: الفتنة نائمة يا أخي لعن الله من يـوقظها
أحمدي نجاد : نحن لم نلحق الأذى بأحد ولا أعتقد أن أمير قطر وشعبها يوافقون على استعمال أراضيهم من أجل تدمير إيران مثل ما فعلت مع الطاغية صدام
الأمير: والله كلامك صحيح يا أخي لكن ما قام به الشيعة في العراق من أعمال ثأر وما يقومون به من شحن طائفي يهدد استقرار المنطقة بأكملها انظر ما يجري في اليمن والبحرين والسعودية ولبنان
نجاد: إن إيران على استعداد للضغط على الشيعة الموالين لها في كل هذه الأماكن وقطع التمويل عنهم بشرط واحد هو ان بلدان الخليج وبمعية الجامعة العربية يقومون بنشاط مركـّز ودؤوب لتحريك جميع الدول الإسلامية لتقف مع إيران في قضيتها العادلة: إنتاج القنبلة النوو... ـ كان قبالته لاريجاني الذي يعض بكل قوته على لسانه ـ عفوا عفوا أقصد إنتاج الوقود النووي لأغراض سلمية
الأمير :نحن ليس لدينا أدنى شك وخاصة في الأغراض السلمية ولكن أمريكا لا توافق حتى على ذلك وعلى كل حتى وإن دمّرتكم مثل العراق ـ لا أراد الله ـ ومن قواعدنا ودون استشارتنا فأعدكم أننا لن نبخل عليكم بمساندة الجزيرة وهو ما قمنا به في العراق. أعدك يا أخي في الإسلام أننا سنفتح جبهة عريضة وطويلة في قناة الجزيرة الأوسع انتشارا في المنطقة العربية والتي ستستضيف كل أنواع الخبراء للحديث عن مقاومتكم الباسلة في وجه الغزو الأمريكي المنطلق من قطر.
نجاد: شكرا يا أخي على مساندتكم لنا المسبقة وأنا أتفهم جيدا خوف إخواننا السنة من القنبلة النووية الشيعية، إذ أن خوفهم مشروع فإن كان للشيعة قنبلة فأولى ضحاياها قد يكون السنة، فالثأر بيننا عميق و عميق ولن يعالج إلا بالقنابل النووية

الحاكمية

في شأن مسألة الحاكمية

ياسين الحاج صالح
الحوار المتمدن - العدد: 2383 - 2008 / 8 / 24
مساهمة في ملف جريدة "الأحداث المغربية" في شأن مسألة الحاكميةالحاكمية الإلهية: هل يجب الحكم باسم الله؟ بعد ملف قدر العلمانية في الوطن العربي، تعود جريدة الأحداث المغربية من جديد إلى طرح ملف آخر لا يقل أهمية عن سابقه، واختارت الجريدة أن تفتح صفحاتها أمام نخبة من المثقفين والمفكرين المغاربة والعرب لمناقشة قضية "الحاكمية الإلهية". وقد حددنا محاور النقاش في الأسئلة التالية 1- الحاكمية الإلهية تعني إقامة الدولة الدينية التي تطبق الشريعة بدلاً من القوانين الوضعية في الحاكمية المشرّع هو العقل الإلهي، وفي الدولة المدنية المشرّع هو العقل البشري يقول أيمن الظواهري فهؤلاء الحكام [الذين يسعون للسلام مع إسرائيل] خارجون عن الشريعة الإسلامية لاحتكامهم إلى قوانين ودساتير وضعية مخالفة للشريعة الإسلامية، وهؤلاء لا يعتبرون حكومات إسلامية بل حكومات علمانية لا تحتكم إلى الشريعة وقد نص على كفر أمثالهم كثير من الأئمة المسلمين. فكيف تنظرون إلى هذه الحاكمية الإلهية التي يتمسك بها الطيف الإسلامي السياسي من بن لادن إلى مهدي عاكف وعبد السلام ياسين وعلي بلحاج وراشد الغنوشي ويوسف القرضاوي؟ 2- هل التخلي عن الحاكمية، أي عن تطبيق الشريعة بما فيها من عقوبات بدنية كجلد شارب الخمر، وقطع يد السارق، ورجم الزاني والزانية حتى الموت، وقطع رأس المرتد كفر بواح كما يقول الإسلاميون، أم هو ضرورة من ضرورات العصر، والضرورات تبيح المحظورات كما تقول القاعدة الفقهية؟ 3- يكفر الإسلام السياسي القوانين الوضعية بدعوى أن الأمة الإسلامية غير مؤهلة لتحكم نفسها بقوانين من صنعها لأن القوانين الشرعية الإلهية صالحة لكل زمان ومكان فكيف تنظرون إلى هذا التكفير؟ 4- يكفر الإسلام السياسي القوانين الوضعية وحقوق الإنسان لثلاثة أسباب1أنها من صنع البشر2 أن مرجعيتها غربية عن المرجعية الإسلامية3 أنها تحلل ما حرمت الشريعة ويضربون على ذلك مثلاً بمادة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تعترف للإنسان بحقه في حرية التدين وحرية الاعتقاد قائلين بأن ذلك يعني حرية المسلم في الردة، أي تغيير دينه أو التخلي عنه جملة فما ردكم على هذه الاعتراضات؟ 5- هل تتنافي الحاكمية، أي تطبيق الشريعة مع الدولة المدنية التي هي دولة لكل مواطنيها؟ وهل الحاكمية عودة في القرن الحادي والعشرين إلى الطائفية التي لا تطبق قانوناً موحداً على جميع مواطنيها المختلفين دينياً؟ 6- هل تشاطرون من يطالبون بتعديل الدساتير والقوانين في البلدان العربية لتطهيرها من رواسب الحاكمية مثل اللامساواة بين الرجل والمرأة، والمسلم وغير المسلم، والتنصيص على دين الدولة ودين رئيسها وحرمان المسلمة من الزواج من غير المسلم؟ لحسن وريغ- أشرف عبد القادريبدو لي، بداية، انه يمكن تناول المشكلات الدينية السياسية في العالم العربي من موقعين مختلفين. موقع المرجعية الإسلامية مقروءة بهذه الصور أو تلك، وموقع افتراضي لمرجعية مستقلة لا تلتمس شرعيتها من المرجعية الإسلامية، وتستند إلى القيم الإنسانية العامة كالمساواة والحرية والجدارة الإنسانية المتكافئة والاحترام المتبادل... وقد نسمي هذه مرجعية "حداثية". الصدور الحصري عن المرجعية الإسلامية يعني أننا ملتزمون إيمانيا بالإسلام وليس فقط معنيون به كمكون موضوعي لهويتنا الفردية والجمعية. ولعله يعني أيضا حصر الشرعية بتلك المرجعية واعتبارها معطى مطلقا ونهائيا، لا يسعنا إلا التسليم به، أو ربما محاولة اقتراح صيغ "معتدلة" منه. أما من لا يصدر عن هذه المرجعية فهو "كافر" أو على الأقل مغترب، منكر لأمته. إلا أن هذا الافتراض يضمر إرادة عزلنا عن العالم ووضع أكثر من قرنين من تفاعلنا معه بين قوسين، أو تجريم هذا التفاعل واعتباره انتهاكا لحمى "الأمة" وهويتها وعقيدتها. ليس الإسلام موضوعا فقط لمن يصدر عن المرجعية الإسلامية بل هو المكون الأساسي لذاته. هل يسعه "موضعة" الإسلام في مثل هذا الشرط؟ هذا سؤال ضروري لكننا لن ننشغل به في مثل هذا المقام. يمكن للمرء، بالمقابل، أن يصدر عن غير المرجعية الإسلامية ويبقى معنيا بنهوض المسلمين وبتشكل الإسلام ذاته في صورة حليفة للحرية والمساواة في العالم. هذا حال كاتب هذه السطور. الإسلام موضوع له، وليس ذاتا إلا بمعنى موضوعي، بمعنى انه مشكل حتما لتفكيره كمسلم اجتماعي وثقافي. لكن هل أسس تفاعلنا مع العالم مرجعية مستقلة عن الإسلام، دون أن تكون برانية ومقحمة عليه تعسفيا؟ وما هي العلاقة بين المرجعية المفترضة والمرجعية الإسلامية؟ ليست مشاركتنا في الحداثة معطى بديهيا لا إشكال فيه. وهي بالقطع ليست من صنف علاقة الأوربي أو الأميركي بها. وهي ليست كونية فورا ومن تلقاء ذاتها إلا كمنتج استهلاكي. ولا نستطيع التفاعل معها كأننا بلا تاريخ ومن لا مكان، أو افتراض أن المعاصرة وحدها تضمن العصرية. المشاركة الفاعلة في الحداثة مسالة قدرة وتدخل وليست مسألة وجود سلبي في العصر أو في العالم نفسه. صحيح أن ثمة من ينكرون وحدة العالم اليوم فقط لينكروا انصرام الزمن، لكن هل يكفي الإقرار بالتاريخية والانصرام الحتمي للزمان كي تكون المشاركة العالمية أمرا معطى أو ناجزا؟ إننا مندرجون في الحداثة ولسنا متملكون لها. ليس لحداثتنا ديناميات إنتاج ذاتية، وهي لم تتشكل في تقليد عام، أي ثقافة وطنية أو قومية. نحن في الحداثة والحداثة فينا، لكن حداثتنا ليست سيدة، لا توجد في صيغة سيادية. والقضية التي أدافع عنها هي أن حداثتنا لن توجد في صورة سيادية دون "صراع مع الإسلام"، أي دون اشتباك فكري ونفسي وأخلاقي وروحي مع الظاهرة الإسلامية الكبرى بمختلف أبعادها، الدينية والسياسية والاجتماعية والثقافية والتاريخية. كان الإسلام هو ميثاقنا مع العالم والتاريخ. اليوم الميثاق الإسلامي في أزمة، أو لنقل إنه يفصلنا عن العالم بدل أن يربطنا به. "الحداثة" بالمقابل تربطنا بالعالم لكن في صورة غير مستقلة. وقد يكون من شأن الصراع مع الإسلام، ولا أقول الصراع ضد الإسلام، أن يؤهل لميثاق جديد يضاهي الميثاق الإسلامي لكنه مختلف عنه. وأفترض أن تحولا كهذا هو ما يضمن الاستمرارية للإسلام ذاته، وإن في شكل غير سيادي. وهو ربما ما يمكننا من الانفلات من عدميتين: عدمية الحاكمية التي تريد التخلص من العالم، وقد تجسدت بالخصوص في "القاعدة"، وضرب من عدمية مستندة إلى الحداثة وتريد أن تتخلص من الإسلام كيفما كان وبأية طريقة. هذه هي الرؤية العامة التي تصدر عنها التعليقات اللاحقة. إنها تستند إلى مرجعية مفترضة، انحيازا لأسسها القيمية المومأ إليها فوق، ولأنها تتيح اتخاذ مسافة من المرجعية الإسلامية، لكن دون تكتم على كونها مرجعية غير ناجزة، مشروع للتحقق، تفصلنا عن استوائه صراعات محتومة وأزمنة قد تطول. 1- أفترض أن الحاكمية الإلهية تعني أن الله هو المشرع وهو السيد وهو الحاكم الفعلي. لكن لما كان الله لا يحكم مباشرة وان من يحتمل أن يطبقوا الشريعة هم بشر مثلنا، فما الضمانة أن لا يتوسل هؤلاء الشريعة لحيازة سلطة مطلقة ونفاذ امتيازي إلى الموارد الوطنية؟ الإنسان ليس روبوتا مبرمجا إلهيا على "الشريعة" أو غيرها. إن فيه فائضا على أي برنامج، وانفلاتا من أي قيد، وهذا ما يجعله إنسانا أصلا. بلى، يمكن أن تبرمج الإنسان على الشريعة، لكن ليس دون أن تستأصل إنسانيته، وبالخصوص حريته. أي أيضا ضميره وعقله. فهل يبقى بعد دين أو شريعة؟ هل تردع الشريعة ذاتها من قد يحكمون باسمها عن الطغيان؟ الدليل التاريخي لا يؤيد ذلك. فقد تصارع أصحاب النبي، من يفترض أنهم اقرب على النبع الصافي للشريعة، على السلطة والثروة بعد وفاة صاحب الدعوة بأقل من ثلاثة عقود. وليس ثمة ما يضمن بأن إسلاميي اليوم أكثر ترفعا من صحابة الرسول، بل إن إيديولوجية الإسلاميين بالذات تقوم على أن الصحابة أسمى من أي جيل من الأجيال اللاحقة. ومعلوم أن الأجيال اللاحقة من المسلمين عاشت في ظل ملك عضوض، كان استبداديا دوما، وسفيها في أكثر الأحيان. معلوم أن الشريعة الإسلامية ذاتها "صنعت" في ظل "ملك" من هذا الصنف، إن لم يكن بطلب منه، ففي ظل أجهزته وعوائده ومألوفاته كأطر اجتماعية للتفكير. ومعلوم اليوم أن الأطر هذه ليست سلبية، وأنها متدخلة في محتوى التفكير ووجهته ومحددة لممكناته ومصدر لتمثيلاته ومادته الواقعية. إن تفضيل الظلم على الفتنة مثلا يعكس خبرة مألوفة في الدولة السلطانية العربية. وإن الجلد والعقوبات الجسدية من مألوفات الحياة في تلك الأيام. وإن الفقيه لا يمكن إلا أن يستبطن بعض محرمات دولة استبدادية راسخة على نحو ما نفعل نحن اليوم، أو على الأقل تحدد ممكنات هذه الدولة ممكنات تفكيره. ما قد يحصل في دولة حاكمية هو أن فريقا من الزعامات سيحوز حرية مطلقة، وسيصادر أي اعتراض عليه باسم الشريعة والدين، منشئا حكما شموليا دينيا، ومستعبدا أكثرية السكان باسم الإسلام. وبعد جيل أو نحوه من اتسام هذه الحكم بـ"الفضيلة" أو التقوى الإسلامية، يبدأ الفساد بالتسرب إليه، ولن يتأخر عنه التمييز الفاضح بين المحكومين والعنف لحماية النظام. فتتطور الشمولية الدينية إلى طغيان أهوج. وإن لم يقع العالم كله في انحطاط لا يرتفع، فإن الدولة الحاكمية ستنهار بعد ثلاثة أجيال مثل الدولة الخلدونية.ولا يحول دون تطور كهذا غير وجود سلطات أخرى مستقلة يمكن أن تقف في وجه السلطة السياسية الدينية وتحد من تعديها. وهذا شيء لا تقرره "الشريعة" التي يبدو أن ما يعني الناطقين باسمها هو كيفية فرضها فقط. لكن مشروع الحاكمية الإلهية لا يولد دولة مستبدة عنيفة فقط، بل إنه لا يتحقق بغير العنف. ذلك أن المشروع هذا منفصل عن أية وقائع أو ديناميات تاريخية فاعلة أو ممكنات في مجتمعاتنا، ما يجعله برنامجا لفرض تصور مبسط ومجرد على الحياة البشرية المعقدة. والنتيجة المؤكدة في مثل هذه الحالة هي التعسف والعنف والإكراه. ويبدو لي أنه إن كان من صفة "أصيلة" للإسلام السياسي المعاصر، والحاكمي منه بالخصوص، فهي اصطناعيته المفرطة وتعارضه التام مع "الفطرة"، كيفما فهمناها.أضيف أن الحاكميين يعبدون الإسلام (مقلصا إلى الشريعة) وليس الله. فهم "مشركون" بالمنطق الإسلامي. إنهم يختزلون الإسلام إلى الشريعة ويحذفون منه الإيمان والروحي، ويردون الشريعة ذاتها إلى الحدود، والحدود إلى العقوبات البدنية. ويجعلون من هذه برنامجا بالمعنى التكنولوجي للكلمة، أي مدونة لقواعد ملزمة لا اختيار فيها ولا تأويل لها ولا روح فيها. قوانين وضعية بالمعنى الفيزيائي لكلمة قانون والمعنى الفلسفي لكلمة وضعية، أي دون ظلال ميتافيزيقية ومعان فائضة عن الألفاظ. لكنها مطلقة فوق ذلك. والجمع بين الوضعية والإطلاق هو ما يكون المزيج المخيف للدعوة الحاكمية على نحو ما تجلت في حكومة طالبان الأفغانية وفي منظمة القاعدة وفي تنويعات لهما هنا وهناك. وإذ يحل الحاكميون أنفسهم محل الله حيال الناس، يمنحون أنفسهم سلطانا مطلقا على الحياة والموت. وعبادة الشريعة آلت بالقروضاوي إلى أن يضع الدين على مستوى النسل والمال والنفس والعقل ..واحدا من خمسة مقاصد أو ستة للشريعة يتعين حفظها. وهو يبني على ذلك أن الإسلام ليس دينا فحسب، أو أن الدين جانب من الإسلام فقط. ويكمل هذا التقليص للدين إلى مقصد فحسب من مقاصد "الشريعة" تقرير تحكمي بأن الإسلام هو الإسلام، لا يشبه غيره ولا يقارن بغيره، فريد، متفوق، صالح لكل زمان ومكان. وهذا تأسيس للتعسف والاعتباط وتقويض للمنطق والمفهومية. والخلاصة: في الإسلام دين، لكن الإسلام ليس دينا. ما هو الدين الذي في الإسلام؟ لا نعرف. وما هو الإسلام الذي ليس دينا؟ الإسلام هو الإسلام! شيء تخفق المفهومية إزاءه كما تخفق أمام الله الذي "ليس كمثله شيء". الشرك هنا أيضا. والتعسف في الفكر هو قرين الطغيان في السياسة. ومشروع الحاكمية هو مشروع تحكمي مفض لأشد ضروب الطغيان جنونا. وفي عالم كهذا لا يبقى لمفردات النهضة والحرية والتقدم والإنسانية أي معنى. الشيء الوحيد الذي له معنى هو تكرارا للأشياء نفسها إلى الأبد واستبعاد أي تغيير مهما يكن صغيرا. لكن أليس هذا هو الموت؟ وهل يعدو مشروع الحاكمية أن يكون احتفاء بالموت وتمجيدا له؟ إنه مشروع ينبثق من الموت ويتوسل الموت للوصول إلى الموت! ***2- " ضرورات العصر"؟ ربما. وإن كان "العصر" يبدو لي نوعا من ألوهة برانية لا وجود لنا في ظلها إلا كوكلاء. ولعل "ضرورات" العصر هي ملائكة الألوهة هذه. لكن أعتقد أن التخلي عن العقوبات الجسدية يمكن أن يحوز قدرا من شرعية إسلامية. تحدث مثقفون عرب ومسلمون عن تأويل مقاصدي للشريعة، وهذا مبحث مزدهر في المغرب. وركز آخرون على مبدأي الضرورة والمصلحة، ويمكن تأسيس تاريخية أحكام الشريعة عليهما. وتحدث آخرون (محمد الشرفي، محمد شحرور) عن أن "الحدود" حدود قصوى، يستطيع المشرع الحديث والجهاز القضائي أن ينصرفا عنها إلى ما دونها من عقوبات. وأفضل من جهتي القول إن حد الحدود هو الشريعة ومقاصدها، وحد الشريعة ذاتها هو العقيدة التي يفترض أنها "رحمة للعالمين"، أي الإيمان بالله وعمارة الأرض، وحد الجميع هو الله كمعنى غير قابل للحصر وكطاقة حياة لا يقيدها دين أو شريعة. فإذا عملنا على إعادة هيكلة الإسلام في وجهة ترجح الإيمان (الحر والطوعي وإلا لا معنى له) على الشريعة، وعمران العالم على "النظام الإسلامي"، انخفضت مرتبة المقاصد ذاتها إلى موقع ثانوي، والحدود إلى موقع ثالثي. وانفتح الباب لحرية الاعتقاد ونزع السيادة (أي شمول الولاية أو عموميتها من جهة، واحتكار العنف من جهة ثانية، وأول هذا الحكم بالموت، لكن أيضا العقوبات الجسدية) من الدين لمصلحة تنظيمات وأفكار بشرية. وهذا ما قد يتيح انفصالا تاريخيا لمجتمعاتنا عن الإسلام، بمعنى السيادة الإسلامية، ما قد تتأسس عليه نهضة جديدة. والانفصال هذا وتأسيس مرجعية مختلفة هو ما من شأنه أن يطوي العقوبات البدنية وعالمها، والباراديغم الفقهي القروسطي كله. ولي في هذا الشأن رأي خاص. إن محاولة نزع شرعية العقوبات الجسدية على أرضية إسلامية هي جهد محمود ولا غنى عنه. إلا أنه هو ذاته يقتضي موازين قوى ثقافية وفكرية اجتماعية، لكن أيضا سياسية ومادية، تضعف الإسلاميين وتقوى التيارات الإصلاحية في أوساطهم وتصنع ممكنات جديدة. يلزم أولا وأساسا صوغ قضية التحرر والمساواة وبناء قواها. كما نحتاج إلى عمل كبير على مستوى الثقافة والحساسية. لكن حتى هذا لا يكفي، نحتاج أيضا إلى قوة تسنده إلى حين تتشذب غريزة الإسلاميين العنفية وينبذون القوة من قائمة الوسائل الممكنة في الصراع السياسي والثقافي. والتحولات الفكرية والسياسية التي نعول عليها لضبط الإسلامية السياسية التي تغريها الحاكمية دوما، هي ذاتها ما نعول عليها للتحرر من تحكم استبداد لا ديني ولا مبدأ له بحياتنا، أعني استبداد السلطات الحاكمة في بلداننا التي تستفيد من تنازع السيادة والمرجعيات كي تخلد في الحكم. ***3- المتغير وحده هو ما يصلح لكل زمان ومكان. هذا إن لم يكن التعسف والاعتباط هما ما يمليان علينا ما نقول. وتبدو لي تقريرات الإسلاميين تعسفية وبدائية إلى درجة أنه لو لم نكن نعيش في أوضاع شديدة الانحطاط والسخف لما أمكن صدور أقوال كهذه أو تداولها. ولعل التكفير استراتيجية مناسبة لفرض ضرب من التحريم على الأذهان يمنعها من نقد هذه الأقوال والأحكام التعسفية. وهو في ذلك لا يختلف عن التخوين الذي تلجأ إليه نظم استبدادية حيال معارضيها، على نحو ما هو الحال في سورية. إنه وسيلة لإخماد التفكير النقدي وحماية احتكار السلطة. يبدو أيضا أن التكفير يقوم به الإسلاميون والتخوين تبادر إليه السلطات المستبدة مقترنان بتنازع السيادة في مجتمعاتنا بين أهل الدين والدولة. فحين يكفر إسلاميون خصومهم، ما يعني أنهم يبيحون دمهم، فإنهم يعلنون أن السيادة لهم أو أقله أنهم شركاء في السيادة، لأن السلطة السيادية وحدها من تحتكر العنف، وبالخصوص العقوبة المطلقة، الموت. والصلة بين الحاكمية والتكفير ليست عارضة بل إن التكفير هو ضرب التخوين المناسب لتحديد المواطنة الصحيحة في دولة الحاكمية. أي أننا لا يمكن أن نجد تنظيما حاكميا ودعوة حاكمية وبالطبع دولة حاكمية دون تكفير. التخلص من التكفير يقتضي حتما إذن رفض دعوة الحاكمية وتحويل السيادة من الدين إلى الدولة. وهو ما يعيدنا إلى وجوب اعتبار الحداثة مشروعا غير ناجز ولا مناص من إنجازه. ومعلوم أن كلاما كهذا يقال في الغرب (هابرماز) ضد تيارات ما بعد حداثية تتعجل دفن الحداثة وتتمرد على عقلها السلطوي. لكن له معنى مختلفا عندنا، مستمد من حقيقة أن ما يهدد الحداثة لدينا هو أولا الإسلامية ما قبل الحداثية، وهو ثانيا افتراض شراكة ناجزة لنا في الحداثة الغربية، وهو ثالثا مقاربات ما بعد حداثية تفترض دونما أساس الشراكة ذاتها والتراكم الحداثي المحقق في الغرب ذاته، لكنها تؤول في المحصلة العملية إلى تدعيم ما قبل الحداثي في هياكلنا الاجتماعية والثقافية. ***4- "القوانين الوضعية" لا تحرم ما حلل الله، لأنها لا تحرم ولا تحلل أصلا. هي تمنع أو تحظر أو تلزم.. وتحفزها اعتبارات تنموية أو حقوقية تتعلق بالمساواة بين المواطنين. منع تعدد الزوجات ليست تحريما لتعدد الزوجات، وإتاحة وتقنين بيع الخمور وشربها لمن يرغب ليس تحليلا لما حرم الله، بل هو تقرير لممارسات وأفعال دون إضفاء القداسة عليها. الدولة ليس دينا جديدا يحل محل دين قديم، فيحلل ويحرم. تنبع أفعال الدولة الحديثة عموما من مبدأ أن الإنسان حر في غير الأمور السيادية. لا يحد حريته هذه إلا حرية آخرين مساوين له، سواء كانوا من جنس آخر (النساء) أو من دين آخر (غير المسلمين) أو من غير المؤمنين بأي دين. ولأنه حر فإنه لا يمكن ولا يجوز فرض الإسلام أو أي دين عليه. هذا ينبع من مفهوم سيادة الدولة التي لا "تحرم"، وإن شئت لا تكفر أو لا تخون، إلا الانتهاكات السيادية (الاعتداء على الدستور والتعامل مع عدو). لكنه في رأيي يتوافق مع الإسلام ذاته. فأولا لا يمكن تأسيس الإيمان على الإكراه. لم أعد مؤمنا، فهل تجبرني على أن أكون مؤمنا أو تقطع راسي؟ أين الإنسانية والأخلاقية في ذلك؟ ثم إن الحكم بقتل المرتد لا أساس قرآنيا له (القرآن يتطرق للموضوع في غير موقع، لكنه لا يذكر أي عقاب له، بل إنه في غير موقع يقرر حرية الاعتقاد)، والحديث الوحيد الذي يشير إلى قتل المرتد منسوب لابن عباس الذي كان طفلا عند وفاة النبي، والذي يعتقد أن الرواة نسبوا له أحاديث كثيرة من باب تملق العباسيين. ومعلوم أن "أحاديث الآحاد" تعتبر ضعيفة في منطق الفقه الإسلامي ذاته، فكيف إن كان الأمر يخص قضية على هذه الدرجة من الخطورة، وكيف إن كانت العقوبة هي المطلقة أو الموت! ورأيي هنا أيضا أن سيادة الدولة (الأموية والعباسية...) هي التي صنعت العقوبة، ونسبتها إلى الشرعية المقررة كما لا يمكن إلا أن تفعل. أي أن "من بدل بدينه فاقتلوه" هو تعريف للسيادة وللشرعية في الدولة الإسلامية الباكرة. ولا شيء آخر. ولعلها وجدت في "حروب الردة" سندا تاريخيا يعززها. ومعلوم أن أبا بكر لم يسوغ الحروب تلك بحديث ابن عباس أو بنص قرآني من أي نوع، بل باجتهاده: سيلزم "المرتدين" بان يؤدوا له ما كانوا يؤدونه للرسول... ويخيل لي أحيانا أن المآل الأقصى دعوة الحاكمية من وجهة نظر تاريخية هو بناء "كنيسة" إسلامية، أو سلطة إسلامية مستقلة. فالتطلع إلى منتظم إسلامي يمارس المسلمون فيه ما يرونها مبادئ دينهم مشروع من وجهة نظر القيم الإنسانية العامة (المساواة، الحرية، العدالة، الاحترام المتبادل..) ما دام لم يفرض بالقوة. والمنتظم الإسلامي الطوعي هو ضرب من كنيسة إسلامية، أرى أنها مرغوبة لأنها تحد من تناثر السلطات الدينية الإسلامية والفوضى الفكرية والسلوكية والسياسية التي تقترن بها، ولأنه من جهة أخرى ربما يؤسس للعلمانية. هذا لأنني أعتقد أن لدينا مشكلتان لا مشكلة واحدة على الصعيد الديني السياسي. أولاهما التناثر المفرط للسلطة الدينية منذ جيل أو أكثر، والثانية هي تنازع السيادة بين السلطات الدينية والسلطة السياسية. أعتقد أيضا أن توحيد السلطات الدينية قد يسهل استقلال السلطة الدينية عن الدولة واستقرار ولايتها في "المجتمع المدني"، دون عنف ودون عمومية. أما محاولة فرض المنتظم الإسلامي الذي يحكمه الله وحده وتطبق فيه الشريعة وحدها بالعنف والإكراه فهو مشروع حرب مفتوحة. ومن سيعجز عن مقاومة العنف بالعنف، والرد على الحرب بالحرب؟ على أية حال لا يكاد الإسلاميون الحاكميون، والتيار السلفي الجهادي بخاصة، يخفون نيتهم لفتح العالم وفرض معتقدهم بالقوة. وهم لا يبالون بأفكار مثل الحرية والمساواة والسلام وما إليها. لكنهم بهذا يشرعون أيضا سبيل مواجهتهم الوحيد.أما حرية الاعتقاد، ومنها حرية عدم الاعتقاد وحرية تغيير الاعتقاد وحرية التفكير في شؤون الاعتقاد، فهي مبدأ لا تفاوض عليه في مجتمعاتنا ذاتها. ربما يستطيع الإسلاميون سحقنا، لكنهم لا يستطيعون سحق هذا المبدأ لأنهم ينبع من مفهوم الإنسان ذاته. بل ومن مفهوم الدين ذاته أيضا. لا أريد أن أزايد على الإسلاميين لكن الإسلام ذاته لن يكسب إلا إن جعل من حرية الاعتقاد حليفا له. وهو الآن يخسر لأنه متحالف مع الإكراه والتفكير. وبقدر ما إن "من بدل دينه فاقتلوه" تعريف للسيادة في دول جنحت نحو الملك العضوض والسلطانية، فإن "لا إكراه في الدين" تعريف للدين ذاته، لا يستقيم من غيره. لكني هنا أيضا أعود إلى القول إن ما ينصر تصورا تحرريا للإسلام هو موازين قوى مناسبة، تمنح الأرجحية للأحرار. فالمسألة ليست تفضيلا يستند إلى العقل المجرد أو إلى أخلاقية متعالية، بل هي مسألة هيمنة. أي تفوق فكري ومادي معا. أما القول إن القوانين الوضعية من صنع البشر فهو قول صحيح، وليس لأمثالنا، من قد نعرف أنفسنا بالحرية أو العقلانية أو الحداثة، أن يتكتموا عليه. نحن نصدر عن مرجعية مختلفة عن تلك التي ينتظم على أساسها الإسلاميون والتفكير الإسلامي المعاصر. هذه المرجعية بشرية وتتطلع إلى السيادة، لكنها تدرك أنها مشروع وأمامها وقت طويل حتى تثبت ذاتها. لكن هنا أيضا، أعني في افتراض الحاكميين أنهم يصدرون عن قوانين إلهية، احتكار سياسي لله يبطنه افتراض أن الناس روبوتات. إلا أن إخواننا الحاكميين أنفسهم بشر وليسوا روبوتات، لا تأمر "نفوسها" إلا بما برمجت عليه من "إسلام" أو "شريعة"؛ وهم سيطبقون الشريعة تطبيقا بشريا تلابسه كل نوازع السوء الذي تأمر بها نفس الإنسان. هذا فوق أن "الشريعة" ذاتها على نحو ما يحيل إليها الإسلاميون بناء بشري أنتج في شروط محددة، متأخرة أكثر من قرن عن الدعوة الإسلامية. والقول إن مرجعية القوانين الوضعية غربية صحيح بالمعنى الوصفي للكلمة، أي بمعنى أن الغرب هو أول محلة في العالم طورت قوانين بشرية تضمن درجة من المساواة ومن الحرية بين البشر أعلى مما كانت تضمنه قوانين سابقة لها. لكن القول هذا غير صحيح إن أخذ كاتهام. فالتحول نحو الوضعية في القوانين (وفي التفكير..) مقترن بتحول السيادة لمصلحة تنظيمات ومواضعات بشرية، وهو ما حصل في الغرب قبل غيره. والبديل عن تحول كهذا هو التجمد في تنظيمات ومواضعات دينية لا يمكن أن تعطي أكثر مما أعطت حتى اليوم، أو لنقل إنها لا يمكن أن تعطي شيئا جديدا إلا ضمن نظام جديد للسياسة والمعنى لا تحوز فيه السيادة. 5- لا أظن أنه يشغل بال الحاكميين أن تفكيرهم يتعارض مع الدولة المدنية ويتجاوب مع الطائفية. هم قبل أن يرفضوا هذه المفاهيم يرفضون أوسع جوانب التراث والفكر الإسلامي ذاته. فمشروعهم عدمي تاريخيا وثقافيا إلى أقصى حد. وكمشروع تطبيقي (مثل تطبيق الاشتراكية..)، فإن تطبيق الشريعة هو في أحسن حال نوع من التكنولوجيا السياسية التي ترد الناس والمجتمعات البشرية إلى كائنات مطواعة، هيولى لا صورة لها، لكنها قابلة بصورة لا نهائية للتشكل وفق للصورة الجاهزة التي اسمها الشريعة (أو الاشتراكية...). المبدأ الإيجابي أو "الصورة" هنا هو "الشريعة".. أما الإنسان فمادة سلبية منفعلة. هنا لا يبقى لمفهوم الحرية والإنسانية أي معنى. ومفهوم الدولة المدنية الذي يفترضهما معا يغدو بدوره بلا معنى. والحاكمية مشروع هجومي وعالمي، فلا يمكن أن يتقبل وجود غير مسلمين في داره. وطموحه النهائي هو فتح العالم وأسلمته. القول تاليا إنه عودة إلى الطائفية قد لا يكون صحيحا. إنها بالأحرى حل جذري للطائفية، لكن ثمنه طغيان مجنون لا حدود له. 6- ليست المقاربة القانونية هي الأجدى في مثل هذه الشؤون. نحتاج إلى تضافر جهود تربوية وتعليمية وتنموية، وإلى ترقي هيمنة مجتمعاتنا على شروط حياتها ومصيرها، وإلى وقت كاف قد يطول جيلا أو جيلين، من أجل تغير البيئة السياسية والنفسية والثقافية لقوانيننا الراهنة. يمكننا أن ننقل أحدث القوانين من الغرب أو غيره لكن هذا لا يعني بحال انتقال الحقوق. ومن أجل أن نحوز حقوق الحرية والمساواة لا مناص من صراع مديد مع أعراف وهياكل سلطة وعادات ذهنية وإيديولوجيات دينية وسياسية. وبينما لا ريب في فائدة أي مكسب قانوني يتحقق في هذا البلد أو ذاك باتجاه المساواة بين الجنسين أو بين المسلمين وغير المسلمين..، فإن ما يكسب على مستوى القانون ينبغي إعادة كسبه على مستوى الثقافة كي يمسي نهائيا وغير عكوس، أو تقليدا قارا. وفيما يخصنا كمثقفين فقد يكون "الصراع مع الإسلام" هو مدخلنا إلى إثبات فائدتنا.

7 août 2008

est-il un congressiste?

Il parait qu' il était un congressiste au congrés du défi.
preuve
"Je m'engage à résoudre tous les problèmes qui se posent au pays, à faire régner la justice et l'égalité", a-t-il lancé, entouré des membres du Haut Conseil d'État. "
(...) Nous allons nous occuper de la bonne gestion des affaires de l'État, réorganiser l'administration, renforcer les différents piliers de l'État et préserver l'État de droit."
"Je m'engage personnellement à préserver l'État de droit, les libertés des citoyens et les institutions démocratiques existantes", avait affirmé plus tôt le nouvel homme fort de Nouakchott, le général Mohamed Ould Abdel Aziz.


http://www.lepoint.fr/actualites-monde/mauritanie-la-junte-promet-de-resoudre-tous-les-problemes/924/0/265785

الأقدر والأجدر؟

لشدة تعلقهم بالديمقراطية وحرصهم على إثبات ذلك بالدليل القاطع فقد قضى جنرالات موريتانيا سبعة عشر شهرا للتدقيق في نزاهة وشفافية الانتخابات التي أتت بالرئيس المعتقل حاليا. الجنرالات غيورون جدا على الديمقراطية. فحين شذ ّ أحدهم بموريتانيا وسلّم السلطة لمدنيين منذ سنة ونصف تاركا وراءه زملاءه الجنرالات ليوجهوا الرئيس المنتخب وفق إرادتهم بالاعتماد على مدنيين، تعسكر المدنيّون.فأحد البرلمانيين وزعيم المتعسكرين بالبرلمان الموريتاني صرح ونادى بضرورة القيام بمسيرة ضخمة اليوم الخميس بنواق الشط لمساندة العسكر المنقض على السلطة. وهذا ليس بعجيب ببلدان يتحول فيها العسكريون إلى مدنيين والمدنيون إلى عسكر "والتحدي" كان شاهدا.ه
جنرالات موريتانيا أعادوا في هذه الأيام المياه إلى مجاريها :"العسكر هم الأقدر والأجدر والأنبل والأرجل"- بلغتهم ـ على الحكم والإمساك بالسلطة.ه
العسكر في موريتانيا سيريح المرتزقة وضيّقي الأفق و"منظّروا " الاستبداد من هذه الحالة التي يقع ا الانقضاض عليها ولا يقاس عليها. ستفتح شهية هؤلاء جميعا من المرتزق "إلى المحلل المختص" بالنعيق بأن الديمقراطية لم يحن أوانها. وان عهد الجنرالات ما زال وإن زال فالشورى والشريعة هي الوريث الشرعي للجنرالات فاستبداد العصر يرثه استبداد التراث الذي يطل بمخالبه في كل مكان ويشغل جميع الفضاءات وحتى عقول كثير من الذين يقولون عن أنفسهم عقلانيين.ه