18 sept. 2007

شهر العبادة والتقوى؟


في حديث دار بيني وبين شخص، قال أنه يدرّس الفلسفة، بالمعاهد الثانوية حول موضوع التّبني في الإسلام قال محدثي "إن التبني محرّم في الإسلام لأن من شأن ذلك المحافظة على عدم اختلاط الأنساب ". فسألته عن المغزى من ذلك آملا أن يحلل المسالة بشكل عقلاني باعتبار أن الفلسفة تحاول دائما الذهاب في طرح الإشكاليات وفق أقصى مدى ممكن ومعالجة إشكالية تثير عديد الإشكاليات. ففوجئت بهذه الإجابة "لأن ابن قيم الجوزية (تتلمذ عن شيخ الإسلام ابن تيمية ) قد قال بذلك. فقلت له أولا: إن التاريخ الفعلي للمجتمعات التي بها قانون ينظم عملية التبني وهي أغلب المجتمعات ومنها المجتمع التونسي لم تلاحظ ، ومنذ مئات السنين ، اختلاطا في الأنساب ولم ينجر عن التبني أي مشاكل تذكر بل بالعكس فقد قدم خدمات لآلاف الأطفالثانيا :لماذا تصادر عقلك بنفسك؟ فأنت بإمكانك، اعتمادا على إمكانياتك الذهنية، تأسيس فكرة وبلورة رأي خاص بك حول هذا الموضوع وذلك باستقراء الوقائع والنص القرآني. فرد قائلا "هذه مسائل تتطلب متضلعا في أمور الدين والفقه فقلت "مهما كان ابن القيم متضلعا فكمَّ المعارف التي تنهل منها في 2007 لم تتوفر لابن القيم منذ قرون وأنت لديك الإمكانية العقلية والمعطيات الموضوعية لتؤسس موقفا أقرب إلى الحقيقة من أي شيخ أو فقيه يقال أنه متضلع" حول أي مسألة كانتإن مصادرة بعض الناس لعقولها والالتجاء إلى مسلمات و"حقائق" تنسبها في أغلب الأحيان إلى أناس يعتقدون أنهم أكثر منهم معرفة وقدرة على فهم الأشياء. ومن مظاهر هذه المصادرة للعقل أن يحاججك بعض خريجي الجامعات بحجج لقنت لهم منذ كانوا أطفالا بالمدارس الإعدادية.وأذكر من ذلك "إن الصيام يمكّن المسلم بأن يحس بجوع الآخرين مما يدفعه إلى التصدق عليهم" لكن ألا يكفي جوع يوم واحد أو يومين للإحساس بالجوع؟ لماذا شهرا كاملا؟ و الجياع بطبعهم العارفين بويلات الجوع ما ضرورة صيامهم؟ والذين يريدون الذهاب أكثر في عقلنة ما لا يمكن عقلنته يقولون"صوموا تصحّوا" ويستضيفون أطباء في برامج تلفزية للحديث عن الفوائد الصحية للصومإن كانت هناك فوائد صحية لشهر الصيام الإسلامي لماذا لم يدرج في برامج التعليم بكليات الطّب كعلاج؟ لماذا لم يعتمد الصيام في البلدان التي تقدَّم فيها البحث الطبي؟ خلال هذه الأيام قرأت بعديد المواقع والجرائد عن احتجاجات كثير من الناس عن خروج شهر رمضان عن أهدافه. فما هي أهداف شهر رمضان؟ يقول البعض أنها التقوى والعبادة للتقرب لله عز وجل. فهذا مجرد اجتهاد منهم ومن شيوخهم. فإله الجزيرة العربية قدّم على صورة أعرابي قاس غليظ القلب لا يعرف الرحمة وسلاحه التهديد والوعيد وتقديم الله بالصورة التي يقدّمه بها القرآن يعد اعتداءا على الله ذاتهلنر ما الحكمة من سنّ إله الجزيرة العربية شهر الصيام؟اعتمادا على النص القرآني مع مراجعة جميع الآيات التي ذكر بها الصيام أو شهر رمضان أو ما له علاقة بذلك لانعثر عل كلمة واحدة تفيد أنه شهر العبادة والتقوى أو انه علاج لأي شئ او انه يعلّم الصبر والأخلاق الحميدة بل كل ما ذكره النص القرآني واضح وليس في حاجة لأي شكل من التأويل أو متضلع ليقوم بشرحه"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ من سورة البقرة 185لاتشير هذه الآية لأي جدوى من الصيام كالعلاج من شيء أو غير ذلكشَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ البقرة185من هذا القول نستنتج أن رمضان لا يمكن أن يكون علاجا لأنه لو كان كذلك لأجبر على صيامه المريض قبل المعافى كما أن الصيام يعيق النشاط العادي للبشر لأنه من كان على سفر معفى وعليه تعويض ذلك.بل أكثر من ذلك حيث الاعتراف الصريح بأنه عسير.الصوم كعقوبة أو كفارة ويتضح ذلك منوَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا النساء 92فصيام شهرين تعويض عقاب بعقاب آخر وفي علاقة بجريمة القتللاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ تَشْكُرُونَالمائدة89وهنا يظهر ككفارة يعني أنه لم يخرج من صفته كعقوبةيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ المائدة 95"أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره" مرة أخرى كعقوبةوَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌفَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ المجادلة 3و4في جميع الآيات التي ذكر بها الصيام فقد ظهر كعقوبة. فإن أردنا عقلنه سن هذه العقوبة لمدة شهر من كل سنة في مجتمع الجزيرة العربية سنقول أن هذا الشهر هو بمثابة تمرين لذلك الأعرابي لتعويده على الصيام ليتمكن من أدائها كعقوبة في صورة قيامه بجريمة في حق مسلم بالطبع

Aucun commentaire: