3 août 2008

قليل من الأنفة

ما يزيد عن أربع سنوات وهم "يتوسلون ويتذرعون"ولم يتركوا جمعية واحدة إلا وطلبوا باسمها مطلبهم العزيز عنهم جدا:"نناشدكم يا سيادة الرئيس الترشح 2009 ".ه
وكنت بشكل ما مغفلا لأنني توهمت أن هذه المناداة والمناجاة وذلك الأسطول العريض والضخم الذي قد لا تسعه حاملة طائرات من نعوت التضخيم والتفخيم و تلاوة آيات الوفاء والاعتراف بالجميل وغيرها لسيادته ستخفت وتتركنني أتنفس قليلا من الهواء بعد "مؤتمر التحدي".
وقد فوجئت بأسطول آخر من اللافتات "شكرا أيها الرئيس الجليل...لقبولك الترشح"وأشياء أخرى كثيرة . فأقف حزينا كئيبا من قدرة هؤلاء على التمثيل وبراعتهم في إنتاج مسرح سياسي يدعو في بعض الأحيان إلى الشفقة عليهم ومرات أخرى إلى الحقد عليهم وتود لو أن إحدى موجات المد العالي تصيبهم.ه
إنه شيء يدعو للدّهشة والألم والاكتئاب والضحك والبكاء ولم لا للانتحار؟
بلد صغير به عشرة ملايين نسمة به حزب لديه مليونين ومائة وست وتسعون ألف منخرط واعتبارا أن المنخرطين أشخاص بالغون – سن الواحد منهم يفوق 18 عاما ـ فإن نسبة المنخرطين بالتجمع والذين يحق لهم المشاركة في أي عملية انتخابية على المستوى الوطني يزيد عن الخمسين بالمائة من جملة الناخبين.ه
فيكفي أن يعلن التجمع عن هذا العدد من المنخرطين لإعلان فوزه في أي انتخابات أكانت برلمانية أو رئاسية. ه فما فائدةعمليات الانتخاب والتي تقام أساسا للفصل بين المتنافسين ولمن نقوم بها ؟ إن كان للعالم الخارجي فهو لن يصدق بأن حزبا به مليون منخرط فما بالك إذا كانوا مليونين.ه
,بما أن هذا الحزب هو الرائد في كل شىء ويطرح على نفسه "اللحاق بمصاف الأمم المتقدمة" فإن مطالبي بسيطة ومعقولة للغاية ولا تتمثل في الحصول على تأشيرة حزب إذ أن كل البالغين منخرطون بحزبكم و 84% منهم خريجو جامعات. ولا الحصول على رخصة توريد وتصدير ولا تكوين جمعية مدنية فكل الجمعيات معكم وتساندكم. مطلبي تافه وبسيط اتركوا لي القليل القليل من الوهم يجعلني أتوهم أنه بإمكاني الإعلان إني مواطن من هذا البلد دون أن أخجل.ه
احكموا البلاد ،ضاعفوا عدد المنخرطين بحزبكم، أعلنوا أن من سيولدون مستقبلا سينخرطون بحزبكم لكن لا تجعلوا العالم وخاصة الأمم التي تريدون اللّحاق بها تسخر منكم. إن الحكم فن فكونوا فنانين ولو قليلا.ه
احكموا ولو بقليل من الحكمة والذكاء، أنتم الأغلبية فلن يجرأ أحد على التطاول عليكم لكن بشيء من احترام الذات وقليل من الأنفة وعزة النفس .فقليل من الأنفة والعزة يجنبكم الكم الهائل من المسرح الغارق في التخلف والنفاق والغباء. أفلم تكفكم ثلاثون سنة مع بورقيبة؟